أيها المؤمنون عباد الله : وقد تضمنت هذه الأحاديث إثباتَ الغيرة صفةً لله عز وجل ، والشأنُ فيها كالشأن في جميع صفات الله الثابتة له في كتابه وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم على حدِّ قول ربنا جل في علاه: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }[الشورى:11] ، وقوله سبحانه { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:65] .
ومن آثار هذه الصفة ما ذكره نبينا عليه الصلاة والسلام أن الله عز وجل من أجل هذه الغيرة التي اتصف بها جل في علاه حرَّم الفواحش على العباد ما ظهر منها وما بطن ؛ ولهذا -عباد الله- عندما تراود النفس الأمَّارة بالسوء العبدَ على ارتكاب الفواحش عليه أن يتذكر غيرة الرب العظيم جل في علاه ، وأن يكون مستحضرًا هذه الصفة العظيمة له جل وعلا ، فيحمله ذلك على البُعد عن الدنايا وعدم ارتكاب الفواحش ، ولاسيما إذا كان مستحضرًا اطلاع الله عليه ورؤيته له وعلمه بأحواله وأعماله. [وإذا كان من يريد الزنى بامرأة يحذر أشدَّ الحذر من اطلاع أحد محارمها على فعلته الشنيعة خوفًا من غيرته, فأين الخوفُ من الله والإيمانُ بغيرته؛ فإنَّ غيرتَهُ أشدُّ وعقوبتَهُ أنكى].
لتحميل الخطبة مضغوطة اضغط هنا
0 التعليقات:
إرسال تعليق