ايها المؤمنون عباد الله : سلوا الله تعالى ربكم التوفيق في كل أموركم وجميع مصالحكم وسائر شؤونكم ؛ فإنه جل وعلا بيده الأمر كله ؛ يعطي ويمنع ، يخفض ويرفع ، يقبض ويبسط ، يعز ويذل ، يضحك ويبكي ، كل يوم هو في شأن ، الأمر أمره والخلق خلْقه ، ونواصي العباد بيده ، وهم أجمعين طوع تسخيره وتدبيره ، لا غناء لهم عنه طرفة عين ولا قليلَ نفَس ، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر:15] .
معاشر المؤمنين : ما أحوج العبد أن يستشعر هذا المقام ؛ مقام حاجته وافتقاره وضرورته إلى الله بأن يوفقه في كل أموره وجميع أعماله ، وتأملوا في التجاء نبي الله شعيب عليه السلام وهو يدعو قومه إلى الله جل في علاه حيث يقول: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}[هود:88] . فالتوفيق -يا معاشر المؤمنين- بيد الله عز وجل ؛ يوفق من شاء من عباده بفضله ، ويخذل سبحانه وتعالى من شاء منهم بعدله ، الأمر أمره والخلق خلقه .
وتأمل في باب التوفيق قول الله عز وجل: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }[الحجرات:7-8] ، وقوله جل وعلا: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[الحجرات:17] ، وقوله: {بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}[النساء:49] ، وقوله سبحانه: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا }[النساء:83] ، وقوله سبحانه: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ }[النور:21].
اضغط هنا لتحميل الخطبة
السبت، 24 أكتوبر 2015
Home »
عبد الرزاق البدر
» التوفيق
0 التعليقات:
إرسال تعليق